فضيلة د/ محمد أيوب
عمر السبيل فاجعة العام الجديد
فضيلة د/ محمد أيوب محمد يوسف
عضو هيئة التدريس بكلية القرآن الكريم
وإمام المسجد النبوي سابقا
صحيفة المدينة بتاريخ:12/1/ 1423هـ
بقضاء الله وقدره وبعد أربعة وأربعين عاما من ولادته تعرض عالم جليل من علماء المسلمين وإمام فاضل وخطيب بارع من أئمة المسجد الحرام وأستاذ فاضل من أستاذ جامعة أم القرى بمكة المكرمة بحادث مرور أليم بسب انفجار إطار خلفي للسيارة الصالون التي كان يقودها فضيلته بنفسه وأدى إلى انقلاب السيارة مرات عديدة ويرافقه أفراد أسرته حفظهم الله الذين أصيبوا بإصابات مختلفة من جروح وكدمات وبعض الكسور وأصيب فضيلة الدكتور بكسور في الجمجمة ونزيف في الدماغ والذين تم نقلهم فورا بتوجيه من سمو الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة وبإشراف شخصي خاص من سعادة العقيد عبد الرزاق الجهني مدير مستشفى الأمير سلطان بالحوية ومتابعة محافظ الطائف وسعادة وكيله حيث نقل المصابون إلى مستشفى الأمير سلطان بالحوية ثم نقلوا مباشرة إلى مستشفى القوات المسلحة بالهدا بطائرة الإخلاء ء الطبي وبسرعة فائقة كان في استقبالهم طاقم طبي وفني كبير برئاسة سعادة العقيد الطبيب سعيد الأسمري مدير برنامج مستشفيات القوات المسلحة بالطائف والذين بذلوا الجهد العظيمة واتخذوا كافة الإجراءات الطبية والفنية الكفيلة لمحاولة اسعاف فضيلة الشيخ عمر السبيل وأفراد أسرته ومحاولة انقاذه لكن إرادة الله سبقت فأصيب فضيلته بإغماء تام اضطر الأطباء إلى إجراء عملية جراحية خضع بعدها لمتابعة دقيقة ومكثفة من قبل أعضاء الطاقم الطبي في المستشفى جزاهم الله خيرا إلا أن قدرة الله كانت أكبر من كل شيء الأمر الذي أدى في النهاية إلى وفاة فضيلته قبيل مغرب يوم الجمعة وعند ساعة الإجابة الموافق غرة محرم من العام الهجري الجديد 1423هـ وصلى عليه عقب صلاة عصر يوم السبت 2/1/1423هـ وورى جثمانه بحضور جم غفير من زملائه وأقربائه ومحبيه من العلماء الأفاضل وطلبة العلم الأكارم وأصحاب السمو الملكي الأمراء وأصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السعادة أساتذة جامعة أم القرى وأصحاب الفضيلة أئمة المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف وبحضور الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف ووكلائه وموظفي الرئاسة جزى الله الجميع خيرا الجزاء وأجزل لهم الأجر والمثوبة وأحسن عزاءهم ورحم الله الفقيد رحمة واسعة وجعله في الفردوس الأعلى من جنات النعيم والهم والده الفاضل سماحة الشيخ محمد بن عبد الله السبيل وجميع أفراد أسرته الصبر والسلوان ولا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون اللهم اجرنا وأجر كل مسلم ومسلمة في مصيبتنا واخلف لنا خيرا منها.
ومن باب ذكر محاسن فضيلته الشيخ الدكتور عمر السبيل وشيء من سلوكه وأخلاقه ومعاملته مع زملائه وطلبته الذين تتلمذوا عليه سواء في الجامعة أو المسجد الحرام أقول وبالله التوفيق: إن فضيلته نشأ أساسا في طاعة الله تعالى على يد والده الفاضل بارك الله في عمره ونفه به المسلمين وتلقي العلم عليه وأخذ مختلف العلوم في الحلقات العلمية في مساجد الرياض وفي مقدمتهم سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وسماحة الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله، وفضيلة الشيخ عبد الله بن غديان حفظه الله، كما درس على علماء المسجد الحرام وحفظ القرآن الكريم على يد فضيلة الشيخ محمد أكبر شاه المدرس بالمسجد الحرام ومسجد بن لادن في الحفاير بمكة المكرمة وأتذكر تماما حين حفظ نصف القرآن حصل على جائزة 1000 ريال وهو صغير السن، استلم الجائزة وسلمها فوراً لشيخه محمد أكبر شاه وأصر على ذلك بحجة أن المستحق الحقيقي لهذه الجائزة شيخه المذكور واستمر في حفظ القرآن الكريم على يده حتى تم حفظ كامل القرآن الكريم وحصل على إجازة منه براوية حفص عن عاصم رحمهما الله ثم واصل دراسته الشرعية بعد الحصول على الشهادة الثانوية من معهد الحرم المكي التابع لرئاسة الحرمين الشريفين إلى أن حصل على شهادة الليسانس في الشريعة الإسلامية من جامعة الإمام ثم الماجستير والدكتورة من جامعة أم القرى وعين أستاذا مساعدا بالجامعة نفسها عام 1412هـ متخصصا في الفقه وأصوله وتولى مناصب عديدة بالجامعة نفسها حيث عين مديرا لمركز الدراسات العليا المسائية ثم وكيلا لكلية الشريعة ثم عميدا لها ثم رئيسا لقسم الشريعة بالكلية وبقي على هذا المنصب إلى أن لحق بربه غفر الله له ورحمه وأسكنه فسيح جناته وقد نشأ فضيلته نشأة علمية صالحة ورزقه الله علما نافعا وواسعا وصلاحا كبيرا ظاهرا واستقامة عظيمة وله جهود واسعة رحمه الله في الدعوة والمؤتمرات والبحوث العلمية في المجمع الفقه الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي. ثم كان للشيخ الفاضل دروس علمية في بوابة الملك فهد بعد صلاة عصر الأحد والاثنين والثلاثاء من كل أسبوع في الحرم المكي الشريف رغم مشاغله ومسؤولياته الكثيرة حيث أعطى طلابه عصارة علمه وفكره وتخرج على يديه كثير من أئمة المساجد والأساتذة والمعلمين. وقد كان رحمه الله حريصا جدا على الحضور مبكرا في قاعات الدراسة ويبذل الجهد في إنهاء المنهج المقرر وكان كريما جدا مع طلابه حريصا على عدم منع أحد من دخول القاعة الدراسية للاستفادة ويغلب عليه طابع الهدوء والسمت والسكينة ومتميز بدماثة الخلق وحسن التعامل والتواضع الجم وكان مثالا للعالم الفاضل وكان آخر دروسه رحمه الله في الحرم المكي(شرح كتاب قرة عيون الموحدين وفقه هداية الراغب) كسب محبة طلبته بعلمه الغزير وخلقه الحسن موقرا للكبير ومحترما للصغير عالما جليلا خطيبا بارعا وإماما متمكنا تميزت خطبه بمناقشة المشاكل الاجتماعية والقرب من الواقع الذي نعيشه داخل المملكة وخارجها والحرص على دراسة قضايا المسلمين والعمل على وضع الحلول المناسبة لها للارتقاء بالأمة الإسلامية وفق المنهج الإسلامي القويم حتى كسب حبهم واحترامهم فرحمك الله يا أبا أنس رحمة الأبرار وعوض أهلك وأولادك خيرا واجبر مصابهم وجمعهم بك في دار كرامته في أعلى عليين من جنات النعيم أنه ولى ذلك والقادر عليه.