د. عبد الله الحريري
الإمام الشاب... فقيد الأمة
د. عبد الله محمد الحريري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
صحيفة عكاظ بتاريخ:10/1/ 1423هـ
عندما علمت بخبر الحادث الذي وقع للشيخ عمر السبيل تألمت وتألم الكثير معي ألما شديدا، وكنت السائل عن أخباره ومتابعتها باستمرار لأن زيارته كانت غير مسموحة لحالته الصحية، فدعنا ودعا كل من بالحرم أن يجعل الله بشفائه، وكان الكل يرقب، وكان أمرا سيحدث، لأنك من تسأله يجيبك بالدعاء له، والكلمات تخرج مثقلة، وجاءت الفجيعة الكبرى بخبر الوفاة، فالكل بكى وتألم ووقف مصدوما بهذا النبأ الذي كدر الجميع، وقد تحجرت الدموع في عين الكثير مذهولين من أثر هذه الصدمة العنيفة، ولكن هل الإنسان يملك شيئا لنفسه فهذه حال الدنيا لكل كائن (حي) "تعددت الأسباب والموت واحد" أن فقيد الأمة عامة والمجتمع السعودي خاصة الشاب الإمام تربطنا به علاقة حميمة ولقاءات كان أكثرها في المسجد الحرام وعندما يطل علينا من الحجر – حجر إسماعيل عليه السلام- ليؤم المصلين صلاة العصر بذلك الوجه النوراني مرتديا (بشته) الذي كان كثيرا لارتدائه له ذا اللون الأبيض يبدأ مسلما على الجميع بتحية السلام قبل البدء في الصلاة وبعدها سباقا للمصافحة لكل من خلفه ومن يريد السلام عليه، تراه يمشي مشية خفيفة هادئة يقف لكل من يريد، هادئا في حديثه محبا لفعل الخيرات مناقشا في حوار هادف، فكم جلسنا سويا في حرم الله الآمن وتحدثنا طويلا كلما شاءت الظروف.
إن الحرم المكي الشريف ليشهد لك أيها الإمام الشاب مواقع عديدة قد صليت بها (عند باب أحياء، خلف المكبرية، عند باب الصفا، وفي حجر إسماعيل، وكرسي درسك ليومين من كل أسبوع عند باب إبراهيم).
لقد جمعت صفات متعددة أدبا، وخلقا، وتواضعا، ومكارم أخلاق كانت قضايا المجتمع تستحوذ فكرك، فتناولها خطيبا في يوم الجمع، فكم تحدثتا عن العلم والمعلمين، وصلة الأرحام، وأداء الصلاة ، وكثير من القضايا التي لها جانب كبير من الأهمية في المجتمع، كنت تناقشنا فيما يسر الله لنا بالكتابة في الصحف فأسألك أقراتها فتجيبنا بأن ما أكتبه هو في ضمن من قراءتك، إذا أقبلت مسلما عليك تقف فأخجل من ذلك لأنك إمام (حرم الله الآمن) فتجيبنا إن لم أقف لك أقف لمن. هذه كلمات ستظل خالدة في ذاكرتي وكثير من الآداب التي لا تسمح السماحة لذكرها.
إن الأمة الإسلامية والمجتمع السعودي وسكان مكة المكرمة وجيران البيت الحرام يرفعون أيديهم لخالقهم أن ينزلك منزل الصديقين والشهداء، وأن يختم لنا هذه الحياة بخير يا محب المساكين، والضعفاء وإننا يا أبا أنس نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل أن يجعل (أنسا) خير خلف لك فكما قال فضيلة الشيخ محمد السبيل إنه قد أتم حفظ كتاب الله الكريم فبارك الله لك فيه ووفقه وإخوانه، فكم أنت غال على الجميع وهذا ما أكده صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز عندما قال فقدنا أعز أبنائنا.
فنسأل الله لك الرحمة والمغفرة ولا نملك إلا أن نقول كما علمنا ربنا سبحانه وتعالى وما وجهنا إليه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون".
سائلا الله سبحانه وتعالى أن يوفق من يقوم بطباعة خطبك الجمعية، والمحاضرات واللقاءات التي القيتها في الداخل والخارج لتكون مرجعا تضاف إلى المكتبة الإسلامية ولتكون علما ينتفع به وذلك مصداقا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم والحمد لله من قبل ومن بعد.