أ.عبد الغني القش
العالم الإسلامي يودع عمر السبيل
أ.عبد الغني بن ناجي القش
صحيفة المدينة، العدد 14210 التاريخ: 6/1/1423هـ
ودع العالم الإسلامي مع بزوغ شمس العام الهجري الجديد أحد أئمة المسجد الحرام وذلك الشاب الهادئ والذي تشعر وللوهلة الأولى وأنت تلتقيه برسوخ في العلم وثبات العالم وسكينته أنه الشيخ الدكتور عمر بن محمد السبيل، وذلك إثر حادث مروري أدخله في غيبوبة وانتقل بعدها إلى جوار ربه الكريم.
والحق إن الموت مصيبة كما سماه الباري عزوجل{إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ}ثقيل على النفوس لا يحتمله إلا الواثقون بموعود الله تعالى واقصد بذلك المؤمنين حقا فتجدهم يعدون لها عدة اللازمة. والحق إن التابعين بحالة الشيخ الحية قد علموا بصعوبتها منذ اللحظات الأولى لوقوع ذلك الحادث الأليم وكانوا يتواصون بالدعاء له.
كما لفت النظر في هذا العام تبادل الرسائل عبر الهاتف المحمول فكان بعضها يقول: (الشيخ عمر السبيل إمام الحرم بحاجة إلى الدعاء فأكثروا له منه) ورسالة أخرى تقول: (الحوا إلى الله الدعاء لأمام الحرم الشيخ عمر السبيل) إلى أن جاءت الرسائل الأخيرة والتي من ضمنها رسالة تقول:
(الشيخ عمر السبيل انتقل إلى رحمة الله ادعوا له بخير) كما كانت بعض المنتديات الإسلامية والمواقع على الشبكة العالمية (الانترنت) ذكرت حادثة الشيخ وحالته الصحية إلى أن جاء نبأ وفاته رحمه الله رحمة واسعة ولا شك أن هذا يؤكد أن العالم الإسلامي اليوم بحاجة إلى استغلال ما سخر له من امكانات تقنية وفقه الله إليها، ولكن الاستغلال المطلوب هو تسخير تلك التقنيات إلى الدعوة إلى الله وإلى تداول مثل هذه الأخبار – وإن كانت مؤلمة – إلا أنها تمثل اشغالا لذلك الحيز الكبير من الفراغ والذي إن لم يشغله المسلمون بما يفيدهم وأمتهم اشغله غير من التفاهات والترهات التي لا تفيد.
هذه بعض الأمور التي لا يمكنه استقاءها من وفاة ذلك الشيخ الفاضل والذي آلمت وفاته العالم الإسلامي إذ فقدوا بفقده ذلك الصوت الذي استمر حوالي عقد من الزمان يرتل كتاب الله ويتردد صداه في أروقة المسجد الحرام كما فقدوا عالما فقيها ففقدوا بذلك شيئا من العلم فقد قال المصطفي صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينزع العلم انتزاعا ولكن بقبض العلماء).فاللهم آجر الأمة في مصيبتها واخلفها خيرا.
ولا ننسى في هذا المقام أن نذكر أن مصاب والده ذلك الشيخ الجليل محمد بن عبد الله بن السبيل إمام وخطيب المسجد الحرام مصاب جلل، كيف لا وهو فلذة كبده ولا تملك الأمة إلا أن تسأل الله أن يرزقه الصبر وأن بعظم له الأجر والحمد على كل قضاء وقدر.
وختاما نسأل الله للشيخ عمر السبيل أن ينضر روحه وأن ينضر قبره وأن يعلى درجاته وأن يتجاوز عن سيئاته ويضاعف حسناته إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العلمين.